الأمن وحفظ حقوق الوطن.. تأملات في مضامين حديث وزير الداخلية (1)

 

بقلم: د. أسعد حمود السعدون

لا ريب أن الأمن هو القاعدة الأهم في حفظ حقوق الوطن, والحفاظ عليه وتعزيزه هو معيار مهم للمواطنة الصالحة وللولاء الحقيقي والإخلاص التام للقيادة وللشعب, والعكس من ذلك, كل من يحاول بشكل أو بآخر ضرب امن الوطن وتفتيت وحدته وزعزعة استقراره, وتعريض أبنائه للمخاطر والتحديات معاد شاء أم أبى, للوطن وأهله, حاضرا ومستقبلا, ومتآمر على شرعية القيادة التي تسعى إلى نهضة الوطن وتقدمه والحفاظ على حاضر ومستقبل أبنائه, وبالتالي ليس من الإنصاف ولا من العدل ان يتساوى المجرمون الذين عرضوا الوطن لأخطر مؤامرة في العقد الراهن مع أولئك الأفذاذ الذين تصدوا للمؤامرة والتفوا حول قيادة البلاد الرشيدة حاشدين جموع المواطنين وملبين نداء الوطن وكان لوقفتهم التاريخية دور فاصل في تغيير موازين القوى على أرض الواقع محليا وإقليميا ودوليا, سواء كان أولئك من رجالات الفاتح, الاحتياطي الأمين للشعب والقيادة, الذين أظهروا للعالم الصورة الناصعة لشعب البحرين الرافض للطروحات والسياسات الطائفية التي ينتهجها المتآمرون تنفيذا لأجندات خارجية ومصالح ذاتية ليس للشعب فيها مصلحة أو مطلب, وجعلت العالم يتفاجأ بإمكاناته على التحشيد والتنظيم بالشكل الذي أربك حسابات ما يسمى بقوى التغيير وقلب المعادلة السياسية المخطط فرضها على البلاد رأسا على عقب, أو من رجالات قوة الدفاع والداخلية والأمن الوطني الذين ضحوا بأرواحهم وقدموا أروع صور الانضباط والالتزام في أدائهم لواجب الدفاع عن الوطن.

في سلسلة من المقالات نتعرض بالتحليل لأبرز المحطات التي تناولها معالي الشيخ الفريق الركن راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية الموقر في حديثه المهم لنخبة من المواطنين ضمت أصحاب الفضيلة علماء الدين وأعضاء من مجلسي الشورى والنواب وغرفة تجارة وصناعة البحرين ورؤساء تحرير الصحف المحلية وممثلين عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى جمع من رجال الأعمال والمحامين وأصحاب المجالس والوجهاء ورؤساء عدد من جمعيات المجتمع المدني والمراكز الشبابية. وذلك في الثامن والعشرين من سبتمبر 2016 وفي إطار تعزيز الشراكة المجتمعية والتواصل المستمر وتبادل المرئيات مع المواطنين. بدءا لا بد من الإشارة إلى أهمية هذا النهج الوطني والمهني المميز الذي تعتمده وزارة الداخلية ويقود إلى المزيد من التعاون والفهم المشترك لانشغالات المواطنين واهتماماتهم في المجال الأمني, من ناحية, ومن ناحية أخرى تعزيز فهم المواطنين للإجراءات التي تتخذها الوزارة وتعاونهم معها حفاظا على أمنهم وأمن الوطن.
ابتدأ معالي الوزير كلمته بالترحيب بالحضور، شاكرا تفضلهم بحضور اللقاء, موضحا معاليه انه سيتحدث عن «الشؤون الأمنية الراهنة إضافة إلى استشراف التحديات الأمنية واستعراض عدد من الخطوات التي نحن بحاجة إلى تطبيقها من أجل تحقيق مستقبل بحريني آمن بإذن الله». وقد أشار معاليه في مستهل حديثه إلى حقيقة ما يجري من اختلالات أمنية إقليمية وعالمية, الأمر الذي يربك مشاعر الطمأنينة والشعور بالأمان والاستقرار لدى عموم الناس في العالم, فإن مجرد التفاتة بسيطة لما يجري في سوريا وفي العراق واليمن وليبيا بل لما حدث من تفجيرات وأعمال إرهابية في مدن أوروبية عديدة, في فرنسا وألمانيا وبريطانيا وتركيا وغيرها, يوضح لنا ان العالم يعيش على بركان غير مستقر بغض النظر عن مستوى تقدم دوله أو طبيعة انتماءاتها، فالجميع مهددون من عدو مجهول معلوم, وقد قاد ذلك مختلف دول العالم إلى اتخاذ إجراءات احترازية وسن تشريعات قسم منها انفعالية كرد فعل على ما حدث فيها, وقسم آخر تشريعات تحسبية وقائية لحماية دولها وشعوبها من أسوأ الاحتمالات الأمنية. وحينما نرى موقعنا فيما يحصل في العالم نحمد الله جل في علاه على نعمة الأمن والأمان التي نعيشها في الوقت الحاضر بعد ان تجاوزنا باقتدار تداعيات مؤامرة 14 فبراير 2011 بفضل الله وعونه ونصره وحكمة قيادتنا الرشيدة والتفاف شعبنا الوفي حول قيادته وإخلاصه ولاءه لها, وفي ذلك قال معالي وزير الداخلية «أما عند الحديث عن الأوضاع الأمنية الداخلية فأستطيع أن أقول إننا وضعنا خلفنا حقبة أمنية صعبة. لننتقل إلى مرحلة أمنية أكثر وضوحا، مفاجأتها الأمنية محدودة التأثير. وبمعنى آخر فإن المشهد الأمني الداخلي أصبح واضحا أكثر من أي فترة مضت ولكن لكل مرحلة تحدياتها».

وعليه نقول ان الاستقرار الأمني الراهن لا يمكن أن يجعلنا نخلد إلى الراحة وننزع سروج خيلنا فالحرب كر وخديعة وفر, وإذا كانت القوى الخفية والمعلنة التي تقف خلف المتآمرين قد خففت من مواجهاتها الأمنية المباشرة لنا, فإن ذلك مجرد تكتيك ومراجعة وتغيير في الأسلوب, فما نواجهه اليوم من تحديات على الصعيد الدولي ولا سيما في مجال المنظمات الدولية والحقوقية والمؤسسات الإعلامية الخاضعة للإرادة الأمريكية والصهيونية والإيرانية ما هو إلا صفحة جديدة من صفحات الحرب المعلنة على شعبنا الصامد, الأمر الذي يدفعنا إلى اتخاذ إجراءات وقائية على مختلف الصعد الأمنية والسياسية, في مقدمتها تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء لأحد وتحت أي مبرر, إنفاذا للعدالة وإحقاقا للحق, وذلك ما سنتعرض له بالتحليل في المقالة القادمة إن شاء الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *