في ذكرى اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية 

 

الجمعيات السياسية تدعو إلى تحقيق المشاركة والمساواة والحياة الكريمة 

 

اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية هو يوم أممي يحتفل به كل عامبتاريخ 20 فبراير، وقد أعلنت عنه الأمم المتحدة في 26 نوفمبر 2007. وطالبت الأمم المتحدة في هذه المناسبة دمج سياسات العدالة الاجتماعية في كافة برامج وخطط التنمية واتخاذ نهجا شاملا لحماية المجتمع ولا سيما الفئات الأكثر ضعفا.

 

ولاشك أن احتفال العالم بهذا اليوم هو رسالة للوصول إلى دولة المساواة والعيش الكريم ورفض التمييز ومكافحة الفقر، وحفظ حقوق المواطنين في المشاركة السياسية وبناء دولة المساواة والمواطنة على نحو ما هو مقرر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وغيره من العهود والاتفاقيات الدولية المعنية.

 

واتساقا مع بيان الأمم المتحدة لهذا العام، فإن الجمعيات السياسية الموقعة على هذا البيان ترى أن هناك حاجة ماسة بالفعل لدمج سياسات العدالة الاجتماعية في كافة برامج التنمية، ولاسيما تلك المتعلقة بالحماية الاجتماعية و المتقاعدين والتوظيف والأجور وخدمات الصحة والتعليم والسكن، حتى تتحقق للمواطن حياة كريمة تعزز انتماءه لوطنه. لكنها تلاحظ بقلق بالغ إن الاحتفال بهذا اليوم العالمي يأتي وسط تفاقم مشاعر عدم الرضا للواقع المعيشي الذي تعيشه فئات واسعة من الشعب، وذلك بسبب ضعف الرواتب وارتفاع الأسعار وفرض الضرائب والبطالة ومحدودية الوظائف المجزية التي توفر للبحرينيين، مما يدفع الكثير منهم للعمل في وظائف متدنية أو أنشطة هامشية تهدد حياتهم المستقبلية.

 

ووفقا لبيانات الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للعام 2024، فأن 25% من المشتركين المواطنين في التأمينات من القطاع الخاص والعام تقل رواتبهم عن 400 دينار،  بينما سوف ترتفع النسبة إلى 50% تقريبا بالنسبة للبحرينيين الذي تقل رواتبهم عن 600  دينار. كما أن 42% من المتقاعدين من أصحاب المعاشات في القطاع الخاص تقل رواتبهم عن 400 دينار و72% تقل رواتبهم عن 600 دينار. وسوف يزداد الامر سوء مع وقف الزيادات السنوية للمتقاعدين، حيث حرمهم هذا القرار الجائر من حق اصيل لهم وضاعف من اعبائهم المعيشية، خاصة في ظل الارتفاع الكبير الراهن في أسعار المواد الاستهلاكية. يضاف إلى ذلك ضعف المساعدات الشهرية للعوائل المحتاجة والمتقاعدين وضعف الأنظمة الاجتماعية لحمايتهم مع اتساع أعداد الأسر التي تتلقى دعم اجتماعي إلى 116 ألف أسرة.  ومؤشر خطير يكشف عنه تقرير ديوان الرقابة المالية بأن 60% من الوظائف المعروضة في سوق العمل قد استهدف خريجي الثانوية العامة بينما يمثل الجامعيون نسبة 71% من الباحثين عن العمل، وهذا يكشف أحد أهم أسباب استمرار البطالة في البحرين، والأخطر من ذلك إن خريجي الجامعات يتوظفون في وظائف ليس لها علاقة بتخصصاتهم تضيع معها أحلامهم وطموحاتهم، ويمثل هدر كبير للإنتاجية على مستوى الاقتصاد الوطني.  

 

إن العدالة الاجتماعية تعني كذلك التوزيع العادل للموارد والأعباء وفرض ضرائب عادلة وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للفئات المتدنية والمتوسطة الدخل، بينما تطبق البحرين ضرائب غير عادلة وهي ضريبة القيمة المضافة بنسبة ١٠٪ ورسوم جباية تفرض على الأغنياء والفقراء، ويتم تجاهل فرض ضرائب على أرباح الشركات وأصحاب الثروات، كما تم رفع الدعم على الجميع دون استثناء الفئات قليلة الدخل والمتوسطة مما يعمق من هوة العدالة الاجتماعية في البحرين.

 

كما يجب أن تحقق العدالة الاجتماعية العدالة بين الأجيال. لكن كيف ستتحقق العدالة بين الأجيال والبحرين تعاني  من انتشار ظاهرة الفساد والتجنيس. كما نرى نسبة الدين العام المباشر وغير المباشر في تصاعد خطير يحمل الأجيال القادمة أعباء تسديده لسنوات طويلة، حيث بلغت نسبة هذا الدين نحو 145%، كذلك بالنسبة للعجز الاكتواري الذي يصل لأكثر من 13 مليار دينار عام 2023 والهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية تواصل بيع استثماراتها لتسديد العجز في المعاشات التقاعدية، مما يهدد بانهيار هذا النظام، وبالتالي تهديد مستقبل مئات الآلاف من المشتركين والمتقاعدين. يضاف إلى ذلك ظواهر خطيرة أخرى تهدد الأجيال القادمة وهي  الخلل السكاني المتفاقم  حيث ناهز السكان الأجانب نحو 60% من السكان، كما أن العمالة الأجنبية تستحوذ على 90% من الوظائف الجديدة في الاقتصاد، بينما تستفيد فئات متنفذة من ظاهرة الفري فيزا وتحويل الفيزا السياحية إلى فيز عمل المتفشية في البلاد.

 

إن كافة هذه المظاهر التي تجسد غياب العدالة الاجتماعية في البحرين هي ناجمة عن سياسات السوق المفتوح التي لا توفر أي أفضلية أو حماية لتوظيف العامل البحريني ولا لنشاط التاجر البحريني وأصحاب المهن البحرينيين ولا البضائع البحرينية، ومواصلة تخصيص الخدمات الصحية والاسكانية والتعليمية، مما يخلق أعباء إضافية على المواطنين وتتأكل شبكة الحماية الاجتماعية. ونحن نطالب مجلس النواب بعدم الاكتفاء بمناقشة تحسين شبكة الحماية الاجتماعية والمستوى المعيشي للمواطنين، بل معالجة المشكلة من جذورها والمتمثلة في النهج الاقتصادي المتبع من قبل الدولة. 

 

إننا إذ نحي اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية فأننا لا بد أن نستذكر أولا أن هدف العدالة الاجتماعية علاوة على كونه شرعة إسلامية وإنسانية أصيلة وسامية، فقد نصت عليه مواد دستور البحرين مثلما نص عليه البند الثالث من الفصل الثالث الخاص بالأسس الاقتصادية للمجتمع في ميثاق العمل الوطني. وبالتالي يصبح تحقيق هذا الهدف هو حق أصيل للمواطن وعلى الدولة واجب الالتزام به وتنفيذه.

 

 الجمعيات الموقعة على البيان

 

1.  التجمع القومي

2. التجمع الوحدوي

3. جمعية الوسط العربي

4. المنبر الوطني الإسلامي

5. جمعية الصف الإسلامي 

6. المنبر التقدمي 

7. تجمع الوحدة الوطنية 

8. التجمع الوطني الدستوري

 

المنامة في 20 فبراير 2025