العمل الارهابي الذي وقع يوم الجمعه 23-5 -2015م بمسجد الامام علي بمنطقة القطيف بالمملكة العربية السعودية هو آخر حلقات الاعمال الارهابية التي تقع بمنطقة الخليج العربي، ولعل هذا الحدث يأخذ أهمية استثنائية من حيث التوقيت والزمان والمكان مقارنة بحوادث في مناطق أخرى، فالمكان هو المنطقة الشرقية من المملكة السعودية وفي أحد مساجد الشيعة في تلك المنطقة واستهداف المصلين المسالمين، وفي وقت تخوض السعودية حرباً ضد جماعة الحوثي المتشيعة في اليمن مناصرةً الحكم الشرعي هناك، وهي في حالة انشغال كامل بتلك الحرب ولا ترغب بأي اعمال قد تضر بالاعمال العسكرية هناك.
وتأتي هذه العملية وفي هذا التوقيت بغرض خلط الاوراق في المنطقة ومحاولة اشعال حرب طائفية بمنطقة الخليج العربي على نمط ما يجري في سوريا والعراق واليمن، بعد ان فشل مخطط الاشعال الذي تم في البحرين والذي يعود بالاساس الى الحكمة التي تعاملت بها القيادة بمملكة البحرين وعلى رأسها جلالة الملك الى جانب الحراك الشعبي الذي قاده تجمع الوحدة الوطنية وعدد من القوى السياسية الاخرى، يضاف اليه الدعم والحزم التي وقفتها دول مجلس التعاون في دعم البحرين من خلال تدخل قوات درع الجزيرة الخليجية لحماية المنشآت الاستراتيجية في البحرين وحمايتها من أي تدخل أجنبي قد يحدث أثناء التعامل مع الحركة الانقلابية.
ويأتي هذا العمل الاجرامي بحق الابرياء في حسينية الامام علي في محاولة لجر وتفجير المنطقة في ظل الاحداث التي تشهدها سوريا وسيطرة داعش على حوالي 50% من الاراضي السورية والتي آخرها منطقة تدمر التاريخية والاثرية وكذلك سيطرتها على منطقة الانبار في العراق، لذلك تأتي هذه الخطوة في سبيل اثارة الشيعة في منطقة الخليج العربي ودفع المتطرفين فيهم الى عمل انتقامي يؤدي الي صدامات في كامل المنطقة من الكويت شمالاً الى عمان جنوباً وهو ما سيؤدي الى استكمال حلقات هذه الحرب لتمتد من لبنان مروراً بسوريا والعراق والسعودية وصولاً الى اليمن.
ونحن نتساءل هنا لمصلحة من تم هذا العمل الارهابي، وبالضرورة هو ليس من مصلحة المملكة العربية السعودية ولا دول مجلس التعاون التي هي في حالة حرب مع الحوثيين في اليمن، وان مثل هذا العمل يربك العمليات العسكرية ويشغلهم عن الخطر الكبير الذي تتعرض له المنطقة بسبب التمدد الحوثي، ولكننا نعتقد ان هناك ثلاثة اطراف يمكن ان تستفيد من هذه العملية
الاول هو الكيان الصهيوني فهو المستفيد الاول من مايجري في منطقتنا العربية، فمشروع الشرق الاوسط الكبير قد تم تصميمه لضمان أمن هذا الكيان من خلال تقسيم الامة العربية الى كيانات ضعيفة يتم وضعها تحت الهيمنة والوصاية الصهيونية.
الثاني هي الولايات المتحدة الامريكية وهي صاحبة مشروع الشرق الاوسط الكبير الذي تنفذه لمصلحة الصهيونية العالمية منذ ان طرحه كولن باول وزير خارجية أمريكا عام 2003 م بإثارة ما أسمته كوندليزا رايس الفوضى الخلاقة.
الثالث هو النظام الايراني والذي لديه مشروع التوسع على حساب الامة العربية بعد ان استطاعت الهيمنة على العراق وسوريا ولبنان واليمن وبعد ان اصبحت كل هذه المكاسب في خطر في ظل الخسائر التي منيت بها في سوريا والعراق واليمن، وبالتالي تأتي هذه الخطوة منها لخلط الاوراق ودفع الشيعة والسنة العرب لعمليات اقتتال بالمنطقة في محاولة لفك الحصار المفروض على الحوثيين في اليمن من خلال اشغال المملكة العربية السعودية بقضاياها الداخلية مما يجبرها على التخلي عن اليمن، في وقت لا نستبعد تواطئ الاطراف الثلاثة في اطار تبادل المصالح في تنفيذ هذا العمل والذي نفذ بواسطة أحد التنظيمات الارهابية المتطرفة والتي تم صناعتها عن طريق مخابرات هذه الدول.
ولكننا على ثقة أن حجم وعي الشعب السعودي والخليجي سوف يفوت على هؤلاء مثل هذه المؤامرة وذلك من خلال تعزيز اللحمة الوطنية والى مزيد من الترابط بين مكونات الامة، مع دور الاجهزة الامنية السعودية بسرعة الكشف عن هوية من قام بهذا العمل الارهابي، وكذا كشف كل من اشترك معه في هذا العمل الاجرامي وتقديمهم للمحاكمة في سبيل قطع الطريق في وجه من يحاول اللعب بالورقة الطائفية بمنطقة الخليج العربي.