جاء في العنوان الرئيسي في الصفحة الأولى لجريدة أخبار الخليج بتاريخ 24 يونيو 2019 بالخط العريض (انتقادات حادة لموقف ترامب من إيران) الذي يعبر عن الانتقادات الحادة لبعض الخبراء الأمريكيين والعالميين لإدارة الرئيس الأمريكي للأزمة الحالية مع إيران في أعقاب إسقاط الطائرة الأمريكية.
بالمتابعة لمسيرة الأحداث في منطقة الخليج العربي ومواقف الادارة الامريكية وكذلك مواقف الدول الأوروبية من مصالح دولنا في الخليج العربي بل في العالم العربي بل والإسلامي أرى أنهم يتبعون مع غيرهم سياسة (المخاتلة).
معنى المخاتلة
و (المخاتلة) هي خداع العقل والاستغفال للوصول إلى الطعن والقتل ، جاء في تاج العروس شرح القاموس : (خَتَلَهُ يَخْتِلُه ويختُله ختلا وختلانا خدعه عن عقله) ، وجاء في المعجم الوسيط : (خدعه عن غفلة ، ويقال ختله في الحرب : داوره وطلبه من حيث لا يشعر ، وفي الحديث : “كأني أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه”).
دوافع المخاتلة لدى الساسة الغربيين
وهذه حقيقة تعامل الساسة الأمريكيين والساسة الأوربيين من قبلهم لا مع دول الخليج العربي فحسب بل ودول العالم العربي والإسلامي والنامي غير الأوربي على حد سواء مدفوعين بالعنصرية الجنسية والقومية.
ومن تابع الحراك الأوربي والأمريكي في العالم من أيام الحركة الاستعمارية حتى يومنا الحاضر فيرى أنها لا تخرج عن سياسة (المخاتلة) والتي يعبرون عنها بقاعدة (ليس لنا عدو دائم ولا صديق دائم وإنما مصالح دائمة)، وقد أعلن الرئيس ترامب رؤيته في التعامل مع دول الخليج خاصة من غير مواربة (عليهم أن يدفعوا نظير حمايتهم) ، ويمتاز الرئيس الأمريكي ترامب بصراحته المفرطة أحيانا متبعا هو وغيره سياسة (الاستنزاف المالي) للوصول إلى مرحلة (الاستدانة المالية) ومن بعدها الوقوع في (القبضة الحديدية) للدول المتسيدة.
محافظة الساسة الغربيين على الأنظمة الحاكمة في إيران
مواقف السياسة الأمريكية من النظام الإيراني القائم لم تختلف عن موقفها مع النظام البهلوي قبله ولا عن موقف بريطانيا فيما قبل القائمة على المحافظة على النظامين السابق في وقته والقائم حاليا في إيران لتحقيق مصالح الدول المتسيدة على العالم.
وللتعرف على حقيقة المواقف المتذبذبة وغير الحازمة في الأزمة الحالية (في رأي كثير من الساسة والمحللين والخبراء) يجب أن نتعرف على جواب لسؤال هام وهو : ماذا يعني بقاء نظام الولي الفقيه بالنسبة للساسة الأمريكيين والأوربيين؟
ماذا يعنى بقاء نظام الولي الفقيه للساسة الغربيين
لقد حافظت بريطانيا ومن بعدها أمريكا على نظام حكم الشاه البهلوي ليكون شرطي الخليج والمهدد لأنظمة دول الخليج العربية ، وما تخلوا عنه إلا عندما أراد أن يخرج عن السيطرة ، فوقفوا مع نظام سيؤدي لهم دورا أكثر من دور الشاه البهلوي.
وتحافظ السياسة الأمريكية ومن ورائها الدول الأوربية على نظام ولاية الفقيه لأنه يؤدي هذا الدور الأكبر من دور الشاه وهو (تفتيت الدول العربية والإسلامية على أسس طائفية ومذهبية) لأنه نظام قائم على (تصدير الثورة) وحقق مصالح الساسة الأمريكيين والأوربيين والإسرائيليين فاستعانت به أمريكا والدول الأوربية لغزو أفغانستان والعراق وتفتيت سوريا وجعل اليمن مركز تهديد للمملكة العربية السعودية الشقيقة الكبرى لتحقيق الشرق الأوسط الجديد بالفوضى الخلاقة التي يقودها الساسة الأمريكيون من عام 2003 ولم يتخلوا عنها حتى يومنا الحاضر ، ولن يتخلوا عنها حتى المستقبل القريب إن لم يكن البعيد أيضاً ، وما الذي أسموه بالربيع العربي ومواقفهم مجتمعين عنا ببعيد.
عوامل متعددة لأهداف مشتركة
هذا دور النظام الإيراني القائم ، فإذا ضممنا إليه ماذا يعني بقاء دولة الاستيطان الإسرائيلي من تشريد للشعب الفلسطيني ومحاولة إذلاله بشتى الطرق والوسائل ومنها (صفقة القرن) ، ومن تفريق الدول العربية وتمزيقها ، وسبرنا مواقف الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية منذ سقوط الدولة العثمانية حتى يومنا الحاضر تجاه الدول العربية والإسلامية ، وما نراه رأي العين من حرب على الإسلام وأهله فيما سمي بالإسلاموفوبيا نعرف بل نبصر ماذا يحاك لدول الخليج العربية وللأمتين العربية والإسلامية.
الحاجة الى استراتيجية داخلية وخارجية للحاضر والمستقبل
هذا الواقع المؤلم يحتاج إلى استراتيجية جديدة لدولنا الخليجية خاصة والعربية عامة للتعامل مع مجريات الحاضر واستعداداً للمستقبل داخليا وخارجيا قبل أن يفوت الفوت فلا ينفع الصوت ، وهذا ربنا جلّ جلاله لا زال يقول : ﴿ما أَصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَفسِكَ﴾ [النساء: ٧٩] ، ويقول : ﴿وَإِن تَتَوَلَّوا يَستَبدِل قَومًا غَيرَكُم ثُمَّ لا يَكونوا أَمثالَكُم﴾ [محمد: ٣٨] ، تعتمد على قوله سبحانه وتعالى : ﴿وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلى شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ﴾ [آل عمران: ١٠٣