مع بداية الدورة البرلمانية الجديدة، حين كثرت التصريحات، وانعقدت الامال، وازدادت الوعود، كانت لجنة برنامج الحكومة النيابية، قد عقدت اجتماعا مع وفد حكومي واكدت على ضرورة الاهتمام بالوضع المعيشي للمواطن وتطلعاته كأولوية واعادة وضع جدول الاولويات (نظريا) ليتضمن ضرورة تحسين معيشة المواطن، وزيادة علاوة الغلاء، ورفع القوى الشرائية للمواطنين، وزيادة شريحة دعم الكهرباء للمواطنين، وإستمرار الزيادة السنوية للمتقاعدين، وأن لا يكون هناك أي أعباء إضافية على المواطنين مع الحفاظ على مكتساباتهم وعدم المساس بها ! وضرورة معالجة البطالة والتوجه لاحلال العمالة الوطنية في سوق العمل بشكل جدي !
وبنظرة قريبة نجد أن تلك الاولويات هي ذات الاولويات عبر سنوات طويلة، بل تكاد تكون طبق الاصل لتصريحات التوافق البرلماني / الحكومي في بداية الدورة النيابية لعام 2018 ! أي أن التنظير لم يتحول إلى «برنامج عمل» ولم يخضع للمحاسبة البرلمانية لانه لم يتم تنفيذ أغلب ما تم التصريح به!
بل المواطن البحريني يجد أن (قطار التنفيذ) لم يتقدم إلى الامام فقط، بل إنه تراجع إلى محطات خلفية !
وكانه يريد الانطلاق من نقطة الصفر، لتكرار ذات الاولويات وبذات الخطاب بعد ذلك ! فالمواطنون لم يشعروا بأي تحسن في المعيشة ! وزيادة علاوة الغلاء لم نجد طريقها إلى النور ! فيما الغلاء إستشرى بشكل كبير، وفواتير الكهرباء تزايدات في ظل ما يراه المواطن غير منطقيا ! فيما المتقاعدون تزداد صرخاتهم ! وتهديد الضرائب يعلو صوته ! والبطالة مستمرة رغم الارقام التي أدلى بها وزير العمل ! والعمالة الوطنية لا تجد مكانا في سوق العمل !هي ذات المشاكل تتفاقم بين دورة برلمانية واخرى ! وبين برنامج حكومي وآخر ! لتدور المشاكل في إطار المرئيات العامة ذاتها وكأنك يابو زيد ماغزيت !
بنظرة قريبة أخرى على أحوال المواطنين والامر الواقع، فأن الشكاوي تتصاعد، والطموحات تتضاءل، والتطلعات تتراجع، لتتحول إلى مجرد عدم اتخاذ قرارات تزيد من آلام ومكابدات المواطن سواء في الغلاء او في الضرائب أو في المزيد من تراجع الوضع المعيشي !
ويوما بعد يوم ينكشف الامر عن (الهوة أو الفجوة بين التصريحات المتفاءلة وبين الاوضاع الصعبة للمواطنين) !إلى جانب عدم إيجاد (الحلول العملية والجذرية) لمكافحة الفساد بكل أشكاله،ومعالجة موضوع هدر المال العام»، وجمود الرقابة المالية « في ظل إستمرار الامرين معا!
مع كل «برنامج حكومي» و«دورة نيابية جديدة» تعود الامال لترتفع قليلا، وتعاود الطموحات والتطلعات لتلاعب عقول المواطنين وقلوبهم، ولسان حالهم يقول (لعل وعسى) يحدث هذه المرة أمرا جديدا ! ولكن سرعان ما تدور طاحونة المعيقات والاشكاليات مجددا، لتبقى التصريحات في جهة، والامر الواقع في جهة أخرى ! ولكأن المسؤولين والمتنفذين يكتفون ببث روح التفاؤل والطمأنينة، باعتبارها العمل الحقيقي لهم !
ندرك جميعا التحديات العالمية التي تواجه الاقتصاد العالمي برمته، ولكن ندرك ايضا أنه من المفترض أن (يتم تقاسم آثار تلك التحديات على الجميع) ! وأن يدفع أثرياء المجتمع القسط الاوفر من الضرائب، لا ان يدفعها الفقراء أو محدودي الدخل !
لو كانت هناك رؤية جادة لمعالجة الفساد وهدر المال العام،ومعالجة قضايا المواطنين خاصة «محدودي الدخل»، بوضع (برنامج زمني محدد) لتنفيذ آليات تلك المعالجة، لأدرك المواطنون المغلوب على أمرهم، أن ليس بالامكان أفضل مما كان ! ولكن أن تكون الاعباء الاثقل على ظهر المواطنين «محدودي الدخل» ! فذلك ما يحتاج إلى رؤية جديدة ومعها معالجة تنفيذية سريعة للوصول إلى تحقيق طموحات وتطلعات المواطنين والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم إن بقى منها شئ مهم !
الناس لا تحتاج إلى تصريحات ولا إلى إجتماعات ولا إلى تنظيرات !
هم بحاجة فقط إلى أن يروا الاثار الايجابية منعكسة على حياتهم في كل الشؤون التي من المفترض أنها حق أصيل من حقوقهم !