طوفان الأقصى وخلط الأوراق.. آفة وكارثة الأمة! بقلم: أ.عبدالحكيم الصبحي

مقال الصبحي:

 

في الظروف العادية خلط الأوراق أمر سائد تتعمده جهات عدة ولاهداف عدة، وفي العادة يتم التصدي له في تغريدة، أو جلسة نقاش، أو من صحافين اشراف مهنيين، مهتمين بمسألة الوعي المجتمعي، ولكن في هذه الظروف يجب الانتباه جيداً، على ان التصدي له مسؤولية جماعيه مشتركة، فسلاح الإعلام لا يقل أهمية في خدمة القضايا ورفع المعنويات، وأول ورقة ؛ هي إزالة الصفة عن الصراع وحصره في انه صراع حماس والصهاينة، طمس حقيقة إنه صراع عربي اسلامي من جهة مع العدو الصهيوني من جهة أخرى، هو ما تعمل عليه قوى ثلاث بخبث مقصود أو سذاجة وعدم وعي، الأولى : الاعلام الصهيوني يسانده الأعلام العالمي المنحاز الى الصهيونية العالمية، فمنذ بدء الطوفان ركزت هذه القوى اطلاق عليه «أرهاب دواعش حماس « بالطبع تمهيداً للإبادة والكراهية للمجاهدين المقاومين للصهاينة وكسب تعاطف عالمي وعربي.
القوى الثانية : داخل المجتمع العربي والاسلامي وهي فئة المتصهينين من المطبعين والمطبلين للانظمة الحاكمة المستبدة، بخبث متخذين من جماعة الاخوان المسلمين ذريعة وحصر عملية الطوفان المباركة في حماس، وذرف دموع التماسيح على شهداء غزة، هذه الدموع المخادعة، لن تنجيكم عند البارىء، فكل جريمة ترتكب بحق الفلسطينين، فإن للمتصهينين منكم والمطبعين كفلاً من سيئاتها، القوى الثالثة : أفراد من المجتمع – قد يكونون سليمي النية – ولكنهم وقعوا بدون قصد ووعي منهم في شباك خبث المتصهينين، يرددون اقوالهم وتأويلاتهم ظناً منهم بأنه تعاطف مع الفلسطينين وأهالي غزة المرابطين تحت الابادة الجماعية لنيران الكيان الصهيونى، حقيقة يجب ان تبقى كما هي « صراع عربي اسلامي وجودي لحق عربي ومقدسات اسلامية وفطرة انسانية مقابل مغتصب صهيوني تسانده الصهيونية العالمية»
الورقة الثانية ؛ إثارة النعرات والخلافات، في وقت احوج ما نكون فيه لوحدة الموقف، فمنذ السابع من أكتوبر ومن الوهلة الأولى لخبر الطوفان، حذفنا من حساباتنا اي خلافات أو اختلافات فكرية مع أياً من الفصائل المجاهدة، فهي ليست معركتهم بل معركة كل من يمتلك حس انساني في المقام الاول، وكل عربي مهما كانت ديانته وتوجهه الفكري، وكل مسلم مهما كانت جنسيته، تحرك الفصائل المقاومة جاء بناء على نضال مداه الزمني ٧٥ سنة، فهو مكمل له، ولحق لابد من استعادته بكل الوسائل، فهو بالمنطق قبل تشكل حماس كفصيل منظم للمقاومة، وقبل قيام نظام ايران الحالي، لكي يأتي الأمر بالتحرك منه ! وبالمناسبة من يروجون ذلك يشتمون انفسهم من قلة الفهم ورجاحة العقل، فإن كانت ايران هي من مولت وخططت وأمرت، هذا شرف لها وعار عليهم، وإن كانت لم تفعل فهم يهدونها شرفاً لا تستحقه، وفي كلى الحالتين هم يشتمون انفسهم (!!) والسؤال ؛ لو لم تكن حماس موجودة في غزة، وأهلها يعانون كل ما يعانيه أهل غزة خاصة، وكل الفلسطينين، فهل لن تكون هناك مقاومة وجهاد ؟ أما فذلكات الفارق في توازن القوى تعني الغاء الجهاد لاستعادة الحق، فلن يمتلك الفلسطينيين امكانيات مادية توازي امكانيات القوى المناصرة للصهيونية العالمية يوماً ما، لا بذاتهم ولا بذات من تخلى عنهم ! تقليص الفارق في التوازن تخلقه العزيمة والإرادة الحرة، والايمان بالله والحق الذي لا يضيع ووراءه مطالب، وتمييع مسار التطبيع من اجل مسار السلام بان واتضح، مؤتمر مدريد للسلام كان في ١٩٩٢ م و حل الدولتين مطروح أكثر من عشرين سنة، والكيان الصهيونى هو الجانب المتعنت، فيكفي مياعة من انظمة حاكمة اعتادت ان تجرب المجرب ….. ! وللذين اعتادوا الهمس بما يضلل الرأي العام، ومعايرة حزب الله وإيران بعدم التحرك بالمشاركة في حرب شاملة، لما لا تطلبونها بأعلى اصواتكم لا همساً، ولا همزاً ولمز، انما تصريحاً من حكوماتكم بالتدخل والمساندة، أليس لديهم جيوش وعتاد، وهم أولى بحقهم المغصوب ؟! وأمر آخر لمن يتشدق بمثل هذا التدخل من اطراف أخرى، هل أنتم خططتم للمعركة وحددتم الاستراتيجية والتكتيك لتحقيق الأهداف، أم هناك رجال سهروا على هذه الخطط، وهم الأعلم والأدرى بما يجب وما لا يجب ؟! لربما تدخل اطراف اخرى في هذه المرحلة يفسد العملية بأكملها، ويقلب المكاسب والأهداف إلى خسائر فادحة، ويكرس واقعاً أكثر مرارة، وأمر آخر ايضاً، لمن يريد توسعة دائرة الحرب اقليمياً أو عالمياً بتدخل اطراف اخرى، ألم يرى كل هذه الحشود العسكرية الدولية في المنطقة ؟ فهل حسب حساب التوازن في القوى التي عاب على حماس وباقي الفصائل المجاهدة بعدم اخذه في الاعتبار ؟ فأي كيل بمكيالين يكيل به في غيه وتضليله! فمن يريد ان يصفي حسابات مع طرف، يصفيها بعيداً عن القضية التي تحتاج الى التركيز على دعمها لا ادخالها في عمليات التصفية والتلاسن الذي لا طائل من وراءه إلا الخراب والدمار والتضليل.
الورقة الثالثة ؛ وعاظ السلاطين الذين انقلبوا الى قرود السلاطين ! نعم قرود، فقد تكون القرود التي لا تكليف عليها شرعياً في تصرفاتها، لا وزر عليها، الا ان قرود السلاطين سيحملون أوزاراً مع أوزارهم، تنتظرون تكليفاً من ولي الأمر، وتحرمون على المجاهدين جهادهم لاستعادة حقهم المغتصب،ومن يساندهم حتى بالمقاطعة وتصفونهم بالخوارج ! الستم خوارج عندما اعتليتم المنابر تنزون نز القردة، وتدعون للجهاد في افغانستان، فأين كان التكليف من ولي الأمر، أاصدر مرسوماً بذلك ؟! أم كان تكليفاً سرياً، أم كانت أمريكا هي ولية الأمر ساعتها ؟! اتذكرون الأكاذيب والتدليس، وما نسجه خيالكم الخبيث من كرامات لمجاهدي افغانستان، للتغرير بشبان لم يصلوا بعد سن الرشد وجرهم الى الهلاك، أين تلك الكرامات عندما غزت امريكا افغانستان، وغزا الصمت افواهكم القذرة، من سحت من استأجركم بفتات فضلات الموائد، يا قردة السلاطين؟!
الورقة الرابعة ؛ استغلال القضية لتصفية الحسابات، الجماهير التي تعاطفت، تعاطفت مع الحدث – طوفان الأقصى – ومع المجاهدين، ولن تخلط هذا التعاطف لاجل اجندات خاصة بجماعات ترتبط من بعيد أو قريب بقواسم مشتركة مع فصائل مجاهدة، لتصفية حسابات مع رئيس دولة ما أو نظام حاكم في دولة ما، ولن تعادي دولةً ما أو حزباً او جماعةً ما، في تعاطفها مع القضية الفلسطينية، ذلك يفرغ القضية من المحتوى والمضمون إلى هوامش من العداء والمواجهات، وتشتيت الجهود الواجب ان تجمع لدعم القضية في هذا الوقت، وترك تصفية الحسابات جانباً، ومن لَيس له بد من هذه التصفية يؤجلها، لكي لا يصفي معها القضية الفلسطينية من اجل اجندته الخاصة ومصلحته الضيقة، القضية الفلسطينية أكبر من ذلك، والأمة اكبر من دولة أو حزب أو جماعة أو طائفة…. الخ، فحقاً لا صوت يعلوا على صوت المعركة في هذا الوقت، ليس شعاراً، وانما ضرورة قد نتعلم منها درساً فينقلب حالنا، إلى ما لم تستطيع السنون انجازه من الوحدة وحقيقة المصير المشترك، فاستطاع الحدث انجازه.
وأخيراً، لا تصدقوا ما هو مطروح من توهمات لنتائج الطوفان والعدوان الصهيوني، فلا التهجير لسكان فلسطين ممكن، وإلا ما امتد النضال ٧٥ سنة، لكي يتنازل الفلسطيني عن أرضه ويعيش لاجئاً على اي أرض حتى ولو كانت عربية، نحن في سنة ٢٠٢٣ ولسنا في ٤٨ او ٦٧ فلكل وقت له ظروفه ورجاله، وواضح من عملية طوفان الاقصى انقلاب المعادلة، وضبط الموازين، وواضح – وقد تكون قناعة شخصية – ان الافضل في هذه المرحلة ان يحرر فلسطين أهل فلسطين، الطوفان خلق واقعاً ليس في ميدانه فحسب؛وانما عالمياً، تجاوز فيه تلك الحروب التقليدية وموازينها، وتجاوز الحاجة وما يصاحبها من تبريرات وتقاعس إلى من يشاركه في التحرير، ولا غنى لهم عن الدعم والمساندة بتدفق لا يقل عن تدفق دعم ومساندة الصهيونية العالمية للكيان الصهيوني، فصاحب الأرض لن يهجرها، والطارئ يرحل عنها ولو ولد فيها! والوهم الآخر، هو « حل الدولتين « فهو مناقض لفكرة الصهيونية، والكيان الصهيوني التوسعي الذي لا حدود جغرافية له، كباقي بلدان العالم، فكيف يقبل الصهاينة بحل الدولتين توضع فيه حدود جغرافية ولم يكتمل المشروع الصهيوني بعد في المنطقة، ولا حتى وطن ديمقراطي واحد يضم الجميع، يذوب فيه المشروع الصهيوني العالمي، ففعلاً الصراع، صراع وجود لا صراع حدود، وهذا ما تؤكده الاحداث وتثبته الأيام، النصر والمجد للمقاومة « نصراً مؤزراً من الله، وفتحاً قريباً».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *