عندما انقشعت الغشاوة.. وسقطت ورقة التوت! بقلم د.علي الصوفي

ما حصل في ٧ أكتوبر لم يصدم الكيان الصهيوني فقط، بل داعميه من الصهاينة الغربيين وعلى رأسهم الشيطان الأكبر والمنافقين من الدول الأوروبية والذين صدعونا وغرقونا بديمقراطيتهم الكاذبة، وحتى بعض الدول العربية المتخاذلة او التابعة والمطبعة والسائرين الى التطبيع الشائن.
رئيس الكيان المجرم العنصري والنازي نتن ياهو (بكسر الاسم) كان يعيش نشوة الفوز وبتعالي كأنه في شهر العسل وعلى عدة مستويات. أولا، اقتراف الفظاعات في حق الشعب الفلسطيني من هدم للبيوت وإهانة واذلال عند مئات نقاط التفتيش واحتقار وقتل، وكل ما يتصوره العقل من فظاعات وفصل عنصري. كل هذا وبدون محاسبة وتحت حماية وتغطية من الغرب المنافق ذو المعايير المزدوجة. ثانيا، التمدد في المنطقة بطريقة مباشرة (تطبيع) تحت ما يسمى المشروع الإبراهيمي!! وغير مباشرة بتسهيل وضغط من الدول الغربية وعلى رأسهم أمريكا.  ثالثا، والأخيرة جعل كثير من الشعب الإسرائيلي يتجه مع مرور الزمن الى اقصى اليمين ومكنت الأحزاب المتطرفة من الوصول الى سدة الحكم والاستمرار لسنوات طويلة حتى مع وجود قوى يسارية او معتدلة بعض الشيء تقاومها، مع اعتقادي الشخصي انهم جميعا متفقون في عقيدتهم بإسرائيل الكبرى، أي يمثلون وجهي عملة واحدة، مثل ما حدث بعد 7 أكتوبر، أي توحدهم في القضاء على المقاومة وعدم ممانعتهم بما يجري من مذابح في غزة.
خلاصة ما سبق ان نتن ياهو وحكومته النازية كانوا في سيارة فارهة، مقدمة من بعض الدول العربية الضعيفة والغرب المنافق ذو التاريخ الأسود من استعمار شعوب العالم وامتصاص دمائهم، متجهة لقضاء شهر عسل … وفجأة وبسرع عالية وفي لحظة الحقيقة ضربت بصاعقة الاهية كأنها آتية من السماء، فحرقت السيارة واخرجتها من الطريق السريع الى الهاوية. الصدمة كانت كبيرة ومخيفة لهذا الكيان المجرم فحولت الحلم الجميل الى كابوس افاقه من الحلم. ربما يقول البعض انها كانت مخططة لجذب حماس وباقي المقاومة الى مصيدة حرب كبيرة تنتهي بالقضاء عليها وبعد ذلك يتم تنفيذ المخطط الكبير او الشرق الأوسط الجديد الذي اعده الغرب منذ زمن، وهذه كانت بداية التنفيذ ولو على دماء الشعب الفلسطيني. ولكن المعطيات على الأرض تقول غير ذلك والنتائج تدحض هذه النظريات البائسة من أناس منهزمين، حتى مع الاثمان الباهظة التي تدفعها الأطفال والنساء والشيوخ. فعملية مثل 7 أكتوبر واستمرار هذه الهمجية المليئة بالحقد قرابة الشهرين الى وقت كتابة هذا المقال، لم تكن بردة فعل من أناس سئموا هذه الحياة المذلة من كيان عنصري، بل عملية تم التخطيط والتجهيز لها وتنفيذها من قيادات عبقرية ومنذ سنوات، درست هذا الكيان المجرم وردود فعلها من الحروب السابقة. حتى لو فرضنا ان المقاومة لم تتوقع هكذا ردة فعل عنيفة وارتكاب مثل هذه المذابح، فهي كانت تدرك ان الشعب يموت كل يوم، ولكن بطريقة بطيئة وعلى فترات طويلة لا تجذب انظار العالم. وهي تدرك أن النصر آت إن شاء الله لا محالة لأنها صاحبة حق وان العدو الى الزوال مهما طال الزمان. فهناك مؤشرات عديدة من محللين سياسيين وعسكريين تؤكد ذلك.
فهذه الحرب رفعت الغشاوة عن عيون الكثيرين حول العلم، ليس العرب والمسلمين فقط، بل الأهم الغرب المسيطر عليها اللوبيهات الصهيونية وفي عقر دارهم، ومن جانب آخر أسقطت «ورقة التوت» عن كثير من الأنظمة العربية والإسلامية والتي تعودنا سماع نفاقها وتخاذلها في السنوات الاخيرة، بل الغربية المتشدقة بالدمقراطيات الزائفة والذين صدعوا رؤوسنا بها لسنوات. وعلى العكس، وهذا الجانب الإيجابي او الاختراق الذي عملته المقاومة الباسلة، استفاقت الشعوب من نوم عميق ورفعت عن اعينها غشاوة وضعتها الماكينة الإعلامية الصهيوني العالمية. ليس هذا فحسب، بل لوجود مساحة حريات اكبر في الغرب من دولنا العربية كانت ردة فعل الشعوب الغربية وتفاعلها مع القضية، وفي وجود شبكات التواصل الاجتماعية (وهي نفس الأدوات المستخدمة لتغييب وعيهم)، ظهرت القضية الفلسطينية الى السطح مرة ثانية بعد ان كانت منسية، فانقلب السحر على الساحر. ولم تستطع الماكينة الإعلامية المرئية والالكترونية الموجهة لصالح الكيان وقف تدفق المعلومات والصور والفيديوهات في جميع انحاء العالم رغم كل محاولاتهم لحجبها. ولا ننسى دور التطبيقات الصينية والروسية مثل تك توك في اظهار الحقيقة وكسر الاحتكار الغربي.
هناك تحليلات عديدة منها العاطفية والسياسية والعسكرية محاولة لتوقع نهاية هذه الحرب الاجرامية، ولكن من جانبي اود ان انهي مقالي بطريقة مختلفة ربما كثير من الدول الغربية وحتى بعض العربية والمتصهينين لا تفهمها الا من يؤمن بان الحقوق المشروعة لا تضيع مهما طال الزمن وان الأرض عزيزة ولا تساوم، وان الحق يؤخذ عنوة لا بالوعود والمزاعم. وكما يقال الصورة عن الف كلمة وانا انهي مقالي وأقول «ابيات شعر اكثر تعبيرا من الف صورة»، فأقتبس ابيات الشاعر العراقي احمد مطر وهو يرسم شخصية الشعب الفلسطيني في كفاحه لأجل الحرية، وابيات الشاعر السوري عمر الفرا وكيف يعرف بدقة فكر ومنهج المقامة الثوري وعلى راسهم حماس.
قطفوا الزهرة …
قالت من وراءي برعم سوف يثور
قطفوا البرعم …قالت غيره ينبض في رحم الجذور
قلعوا الجذر من التربة … قالت إنني من أجل هذا اليوم خبأت البذور
كامن ثأري بأعماق الثرى وغداً سوف يرى كل الورى … كيف تأتى صرخة الميلاد من صمت القبور
تبرد الشمس ولا تبرد ثارات الزهور …
(أحمد مطر)
جربت كل وعودهم عبثا ترد لك المظالم
فالحق يؤخذ عنوتا لا بالوعود والمزاعم
فالأرض أرضي ما حييت ودونها قطع الجماجم
مقدار شبر لا نضيع ولا نبالي للخواتم
تعوضنا قد نقبل التعويض عن كيل الشتائم
فالأرض ليست لهبات ولا تساوم بالدراهم
من كان يطمح للسلام مع العدو تراه واهم
فقبيل توقيع هزيل.. أعبر الاسلاك هاجم
فالسلم ليس مع الذئاب فلا تكن ابدا مسالم.. (عمر الفرا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *